تعتبر المناطق المحمية العنصر الهام بضمان استعمال الموارد الطبيعية بشكل مستدام و الحفاظ على التنوع البيولوجي الحالي للأجيال القادمة. إن المناطق المحمية توفر نطاقاً عريضاً من القيم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الترفيهية و العلمية و الروحية و ينتج عنها قدر كبير من الفوائد الاقتصادية و البيئة السياحية. و تعد سوريا دولة غنية بمواردها الطبيعية و تنوعها الحيوي.. و إذا ما حظيت هذه الموارد بإدارة جيدة فإنها يمكن أن تساهم بفاعلية في كل من التربية الاقتصادية و الحماية البيئية.
الغابات و المحميات الطبيعية: أصبحت سوريا حالياً من البلدان الفقيرة بالغابات على الرغم من الأهمية الكبرى للغابة سواء من النواحي الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية أو السياحية و تتركز معظم الغابات في محافظة اللاذقية التي تستأثر بنحو31% من المساحة بينما تتوزع بقية المساحات على محافظات القطر.
بدأ تطوير الغابات و زيادة مساحتها بأعمال التحريج الاصطناعي حيث تساهم في تحسين المناخ و تنقية الجو و مكافحة التصحر و منع انجراف التربة و الحفاظ على التربة الغنية للغابة و زيادة حصاد المياه و تغذية المياه الجوفية و تشكل الينابيع و إعادة تجديد و تجميل المناطق السياحية و التخفيف من حدة الرياح و تحسين الغطاء النباتي و الحفاظ على الحياة البرية.
المحميات الحراجية في سوريا: المحميات الحراجية بكافة أنواعها هي مناطق مخصصة أساساً لحماية التراث الطبيعي بكل أشكاله و لا يسمح فيها بشراء الأراضي أو البناء عليها. كما يمنع فيها الصيد تماماً و كذلك استثمار النباتات بداخلها أو دخول الأغنام و الماشية للرعي فيها.
إن أهم المبادئ للسياسة الحراجية في سوريا هو حماية الغابات القائمة و المحافظة عليها و ضمان استمرارها لذلك تسعى الدولة إلى إنشاء محميات بيئية طبيعية لحماية الأنواع النباتية و نذكر منها على سبيل المثال
: (محمية الفرنلق) :
تقع غابة الفرنلق في منطقة الباير شمال اللاذقية بحوالي 47 كم على يمين الطريق المؤدية إلى كسب. و النوع السائد فيها هو السنديان العذري و شبه العذري. و تعتبر غابة الفرنلق من الأولويات التي تستحق الحماية في سوريا نظراً لنظامها البيئي الغابي الأكثر نضجاً و كمالاً, فهي تمثل غابة نموذجية قريبة من حال التوازن المستقر مع ظروف الوسط المحيط بالرغم من الضغوط السياحية التي تعاني منها, كونها ناشئة على تربة تكونت على صخور خضراء اندفاعية نادرة الوجود في سوريا إضافة لغنى المنطقة بالكثير من الأنواع النادرة لكن المهددة بالانقراض للأسف.
إن هذه الخصوصيات النباتية و البيئية تكسب هذه الغابة صفة الندرة و الحساسية و الهشاشة و القابلية السريعة للتردي و التدهور في الوقت ذاته مما يستدعي توجيه مزيد من الاهتمام و الرعاية لها و الرقابة على زوارها.
و هنالك الكثير من الدراسات و القرارات التي تعتبر بعض المناطق الحراجية الهامة محميات بيئية لأهميتها نذكر منها: محميتي البسيط و أم الطيور في محافظة اللاذقية.
و أخيراً لا بد أن نقول بأن مجمل الغابات السورية بمختلف مراحل تدهورها محميات بيئية,حيث انحسرت نسبة الغابات نسبياً في القرن الماضي من 47% إلى 2.7% و أصبح من الضروري و الملح أن تلقى هذه البقية الباقية اهتماماً و رعاية خاصة بغية الحفاظ عليها مع التأكيد أن ما يتمتع به العالم من ثروات طبيعية هو ميراث إنساني و حياتي هام يتوجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة, فلا حق لنا في أن نتسبب أو نسمح بانقراض الأنواع التي هي بالتأكيد ستمثل بالنسبة للأجيال القادمة قيمة أكبر قياساً لما فعلته بها الأجيال الماضية.