اللاذقية في أثناء الحروب الصليبية 1097- 1188م :
قبيل الحروب الصليبية كانت أوضاع اللاذقية كما يلي :
في عام 1055م استنجد الخليفة العباسي " القائم بأمر الله " بالسلاجقة ضد البويهيين الذين تسلطوا على الدولة و حولوا سلطة الخليفة إلى سلطة اسمية ، فدخل السلاجقة بغداد .
و في عام 1074م حرر السلاجقة الساحل السوري من البيزنطيين .
بدأ الصليبيون الإغارة على اللاذقية اعتبارا من 19 آب عام 1097م لكنهم لم يستطيعوا الاستيلاء عليها ، فكانوا يحاصرونها تارة و يهاجمونها تارة أخرى و يحتلونها مؤقتا ليستعملوا مرفأها ، و في كل هذه الأحوال كانت اللاذقية مسرحا للمنافسة بين الأمراء الصليبيين أنفسهم ، و ساحة للصراع ينهم و بين البيزنطيين الذين كانوا قد تمكنوا من السيطرة على اللاذقية .
لم يستطع الصليبيون أن يتمركزوا في اللاذقية إلا بعد أن حاصرها أمير أنطاكية " تانكريد " مدة ثمانية عشر شهرا و استولى عليها عام 1108م و أخرج البيزنطيين ، و قد دمر اللاذقية و أباد أهلها و بذلك ارتمت اللاذقية في حضن الغزاة الصليبيين و أطلق عليها اسم " لاليش " .
صحيح أن منطقة اللاذقية بسواحلها و جبالها و مدنها وقعت تحت الاحتلال الصليبي ، لكنها بقيت موضع نزاع بين " إمارة أنطاكية " و " إمارة طرابلس " الصليبيتين حتى انتهت الأمور إلى تقسيم منطقة اللاذقية إلى قسمين : قسم شمالي من أنطاكية حتى بانياس تابع لإمارة أنطاكية الشمالية ، و قسم جنوبي من بانياس حتى طرابلس تابع لإمارة طرابلس .
في عام 1136م أغار على اللاذقية جيش أمير حلب " أتابك زنكي " ، فباغتوا الصليبيين و أسروا سبعة آلاف أسير ما بين رجل و امرأة و صبي و صبية ، و خربوا اللاذقية باعتبارها من مدن الأعداء ، و لم يسلم منها إلا القليل .
و في عام 1171م هاجم اللاذقية " نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي "
و هكذا كانت اللاذقية ما بين 1059- 1188م لا تفيق من هول صدمة حتى تنام على أخرى أوجع و أشد هولا ، لكن سكانها كانوا في كل مرة ينتفضون من تحت الرماد كما تنتفض العنقاء ليرمموا ما تخرب من أحيائها ، فتبدو أجمل و أبهى و كأنها حورية من حوريات البحر الأزرق ، حتى حررها صلاح الدين الأيوبي .
في هذه الفترة استقر في اللاذقية عدد من التجار الإيطاليين من " البندقية" و " جنوا " خاصة و كانت لهم أحياؤهم الخاصة .
حتى سميت " بلد التجار " و دخلت في هذه الفترة كثير من الكلمات الإيطالية اللغة العامية لمدينة اللاذقية .
و مازالت هذه الكلمات تدور على ألسنة الناس حتى اليوم ، مثل : ( برميل ، كمبيالة ، سيكورتا ، فاتورة ، بورصة ، رصيد كمبيالة ، بالة ، بوليصة ...) .
و قد ازدهرت اللاذقية كثيرا في هذه الفترة و اعتبرت أجمل مدينة في الساحل .
عاشت منطقة اللاذقية بكاملها تحت حكم الغزاة الصليبيين 90 عاما تقريبا ، و قد أقاموا فيها بعض القلاع منها :
1- قلعة صلاح الدين الأيوبي .
2- قلعة المهالبة : تقع 10كم شمال غرب القرداحة .
3- قلعة برزية : تقع شمال شرق صلنفة .
4- قلعة المنيقة : تقع في منطقة جبلة ، 150كم جنوب شرق ناحية القطيلبية .