لازال المنهج العلمي الحالي يستند إلى فكرة سائدة تقول أن عملية التفكير و الذاكرة و الإدراك و غيرها من مجريات عقلية أخرى ، هي عبارة عن إجراءات دماغية معقّدة تقوم بها السيالات العصبية و غيرها من عناصر مختلفة موجودة في الدماغ !.
لكن تبيّن مؤخراً أن هذه النظرة غير صحيحة . هذا ما أثبتته نتائج الدراسات العصرية التي أطلعتنا على حقائق جديدة تختلف تماماً عن المنطق الذي ألفناه خاصة تلك الناحية التي تناولت موضوع العقل .
دعونا نتقرّب من فهم هذه الفكرة الجديدة بالاعتماد على بعض الحقائق التي وردت في الكتاب .
...........................................................
لقد أظهرت الأبحاث العلمية العصرية ، أن جسم الإنسان ( أو أي كائن حي ) هو محاط بهالة ، أو كيان بلازمي يرافقه أينما كان . يتشابه هذا الكيان الأثيري بمفهوم " الروح " التي تحدثت عنها الأديان و
التعاليم الروحية و الفلسفية القديمة .
...........................................................
و تبين أيضاً أن هذا الكائن البلازمي يعتبر حقل من الطاقة ، أشارت إليه جهات كثيرة بالمغناطيسية الحيوية ، و تشير إليه العلوم الحديثة بحقل الطاقة الإنساني أو المجال البايوبلازمي بالمصطلح السوفييتي .
...........................................................
و يبدو أن هذا المجال من الطاقة هو مسئول عن تخزين معلومات مختلفة . هذه المعلومات تخصّ الكائن الذي تحيط به . فتحتوي على كل تجاربه و انطباعاته الشخصية ، أي إنه مسئول عن ما نعرفه بالذاكرة .
...........................................................
أما طريقة تخزين المعلومات في هذا المجال البلازمي ، فلازالت مجهولة على العلم الحديث . لكن يمكننا أن نشبهها بالاسطوانة المضغوطة CD . هذه الاسطوانة الصغيرة تحتوي على كميات هائلة من المعلومات المخزنة مغناطيسياً ، لكننا لا نستطيع معرفة ما تحتويه إلا إذا أدخلناها في جهاز كمبيوتر .
...........................................................
فالاسطوانة تمثّل حقل الطاقة ، و الكمبيوتر يمثّل جسم الإنسان ،
و لا يمكن ترجمة ما يحويه هذا الكيان البلازمي من معلومات إلا بعد أن يستقرّ في جسم الإنسان .
...........................................................
و قد لا تتجلى هذه المعلومات كاملة في حالته الواعية ، بل تبقى كامنة في مستوى اللاواعي ( و قد تم استخراج هذه المعلومات الكامنة بوسائل كثيرة أهمها التنويم المغناطيسي . و هذا يفسّر قدرة النائم مغناطيسياً على العودة بذاكرته إلى السنة الأولى من ولادته و تذكر أحداث حصلت في ذلك الزمن المبكر من عمره ، رغم أن العلم المنهجي يقول بأن دماغ الطفل لم يكن مكتمل بعد في تلك الفترة المبكرة . فكيف تذكر إذا ً هذا النائم مغناطيسياً الأحداث التي جرت له عندما كان طفلاً صغيراً لا يتجاوز السنة الأولى من عمره ؟. يمكن أن نجد الجواب على هذه المسألة من خلال اكتشاف باكستر لظاهرة الوعي الذي تتمتع به البيضة ، و التي ليس في داخلها ما يشير إلى حياة من أي نوع
...........................................................
اعترف علماء النفس بوجود عقل خفي يسمى العقل الباطن ، لكنهم عجزوا عن وصفه بشكل دقيق أو تحديد مكانه أو طريقة عمله . و كل ما عرفوا عنه هو أنه يختزن معلومات هائلة عن الشخص لكنها كامنة خارج مستواه الواعي ، و يبقى تأثيرها على الشخص قائماً بشكل لا شعوري ، و يمكن أن تتسرّب بعض من هذه المعلومات الكامنة من اللاوعي إلى الوعي بشكل عفوي ، فيدركها حينها الإنسان و يتفاعل معها حسب الحالة .
...........................................................
و بما أن هذا المجال البلازمي هو مسئول عن تخزين معلومات ، فنستنتج بذلك أنه المسئول الأساسي عن ما نعرفه بالذاكرة الاسترجاعية .
و يقصد بها عودة الشخص بذاكرته إلى حياة أخرى سابقة عاشها في إحدى الفترات الزمنية بصفة شخص آخر قبل أن يتوفى .
فظاهرة الذاكرة الاسترجاعية معروفة جيداً في مجال علم النفس ، و التي تثبت ما يسمى بظاهرة التقمص ، هذه الظاهرة التي لازالوا يحاولون تفسيرها حتى الآن ، بالإضافة إلى ظاهرة الكسينوغلوسيا ، و يقصد بها ظهور قدرة تلقائية عند الشخص على التكلم بلغة غريبة عنه لم يتعلمها من قبل في حياته .
هذا المجال البلازمي المحيط بالإنسان لا يموت أبداً ..
و يبقى متنقلاً من كائن لآخر
و يحمل في طياته معلومات تخص جميع الكائنات التي التزم بها منذ انبثاق الوجود .
و سيبقى على هذه الحال إلى نهاية الوجود .
يستطيع الطفل أن يتذكّر جميع الأجيال السابقة التي عاشها عبر الزمن ، منذ انبثاق الوجود . لكن عدم ذكره للمعلومات التي توارثها عن الأزمنة السابقة يعود لأسباب كثيرة أهمها :
( 1 )
عدم اعتراف المجتمع الذي ولد فيه هذا الطفل بظاهرة ما يسمى التقمّص .
( 2 )
انشغال الطفل بعالمه الجديد الذي وجد نفسه فيه ، مما يبقي تلك المعلومات مكبوتة في اللاوعي و تتعرّض للنسيان .
( 3 )
نادراً ما يتذكّر الطفل تلك المعلومات بعد سن الرابعة من عمره
...........................................................
و بالإضافة إلى قدرة هذه الطاقة البلازمية على تخزين المعلومات ، تبين أيضاً أن لها علاقة مباشرة بعملية الإدراك ، و تتجلى بوضوح في ظاهرة الخروج عن الجسد . فقد تميّز بهذه القدرة الكثير من الأشخاص . استطاع هؤلاء الخروج عن أجسادهم و الانتقال إلى أماكن بعيدة و عادوا منها بمعلومات كثيرة تخص تلك الأماكن ، دون الاستعانة بأي من الحواس الفيزيائية . فالذي انتقل هو حقل الطاقة فقط ( أي الروح ، أو الجسم الأثيري ) ، أما الجسد الفيزيائي ، فبقي ثابت بمكانه . و تم جمع كل تلك المعلومات عن طريق حاسة إدراكية خاصة لا زالت آلية عملها مجهولة ( أي أنه يستطيع أن يسمع و يرى و يشعر و هو خارج جسده ) ، و كل تلك المعلومات التي تم إدراكها خُزنت في جسمه الأثيري قبل نقلها إلى الجسد الفيزيائي .
هذه إحدى الظواهر الكثيرة التي تثبت أن عملية الإدراك ليس لها علاقة بالنظام العصبي الذي وصفه العلم .
إن المجريات المنطقية التي وصفها العلم المنهجي لعملية انتقال المعلومات البصرية مثلاً إلى الدماغ هي خاطئة تماماً . فإذا اعتمدنا على التسلسل المنطقي الذي وصفه العلم ، ستكون الصورة التي تتشكل في أدمغتنا نتيجة النظر إلى شجرة هي عبارة عن كتلة من الأضواء المتناثرة المتراقصة على الدوام !.
بالإضافة إلى حقائق كثيرة يدعيها العلم المنهجي حول عملية الإدراك لكنها خاطئة !. فإذا تناولنا حاسة السمع مثلاً نرى أن العلم المنهجي يفسر سبب ظهور الأذن بشكلها الحالي هو لكي تحدد مصدر الصوت !.
و لكي ندحض هذه الحقيقة العلمية كل ما علينا فعله هو أن نقوم بوضع أيدينا على أذاننا و نسدها بإحكام و نغمض عيوننا ، و رغم ذلك نستطيع تحديد مصدر الصوت الذي نشعر به !. ما هو تفسير ذلك ؟!.
يقول العلم المنهجي أيضاً أن قدرتنا على رؤية الأشياء من حولنا على شكل ثلاثي الأبعاد يعود سببها إلى استخدام العينين معاً بالإضافة إلى طريقة توزيعها على الوجه !. و لكي ندحض هذا الادعاء ، كل ما علينا فعله هو إغماض إحدى عينينا و سوف نلاحظ أن الأشياء لازالت تبدو ثلاثية الأبعاد !. ما هو تفسير ذلك ؟!.
سوف نقوم بدراسة هذا الموضوع في الجزء الثاني .
...........................................................
يمكن للشخص الخارج عن جسده أن يتنقّل بين مواقع تفصل بينها مسافات ليس لها حدود ! و يمكن ان يدرك كل ما يراه و يخزنه في ذاكرته و من ثم العودة بالمعلومات إلى جسده الفيزيائي !.
...........................................................
هناك ظاهرة مشابهة للحقيقة السابقة كشفها الأطباء مؤخراً و تتجلى بقدرة المريض الخاضع للتخدير التام على إدراك كل ما يجري له في غرفة العمليات و يتجاوب لها بشكل لاإرادي ؟.. و لهذا السبب ، أصبحوا يوصون الأطباء أن لا يتحدثوا بشكل سلبي عن حالة المريض في حضوره ، حتى لو كان مخدراً !.. و قد سجلت حوادث كثيرة تتناول أشخاصاً علموا بكل ما جرى حولهم أثناء نومهم العادي .
...........................................................
و هذا يفسّر أيضاً قدرة النباتات المجرّدة من الأدمغة و الحواس التقليدية المعروفة ، على إدراك كل ما يجري من حولها . و كذلك الحال مع الخلايا و الكائنات الأخرى المجرّدة من الأدمغة و الأجهزة الحسية التقليدية .
...........................................................
بما أن هذا الكيان البلازمي يستطيع ، خلال خروجه عن الجسد ، أن يحتفظ بحالة وعي كاملة ، و ذاكرة ، و قوى عقلية أخرى ، و يستطيع أن يقرر و يتصرف على أساس قراره ، إذاً ، نستنتج أن شخصية صاحب الجسد موجودة في هذا الكيان البلازمي أيضاً ، أي أن كل القوى العقلية التي نعرفها ، بالإضافة إلى الإرادة ، و الإدراك ، و القدرة على اتخاذ القرار ، هي عناصر تدخل في تركيبة هذا الكيان بشكل صميمي و لا تنتج من الدماغ ( كما يدعي العلم المنهجي ) .
...........................................................
و يمكن أن يحصل خطأ بايولوجي لازال تفسيره مجهولاً ، فتظهر عند الشخص فجأة شخصية أخرى ذات عقلية و تصرّف و سلوك مختلف تماماً عن شخصيته ، حتى أنه يتكلّم أحياناً بلغة غريبة عن لغته . و هذا ما أثبتته ظاهرة تعدد الشخصيات ، و التي درسها علماء النفس و عرّفوها على أنها عبارة عن مرض انفصام الشخصية .. لكن تعريفهم لم يكن صحيحاً ..
نستنتج بعد هذا كله أن الدماغ ليس مصدر العقل . و الذي يدعم هذه الفكرة هو حقيقة أن النباتات عاقلة ، و كذلك الكائنات الحية الأخرى التي لا يوجد لها دماغ ، لكنها تتشابه مع الإنسان ( و الحيوانات ) بميزة واحدة فقط ، جميعها محاطة بحقل بلازمي خاص بها .
...........................................................
و تبيّن من خلال الأبحاث المتعددة التي أجريت حول مجال الطاقة الإنساني أو البايوبلازما ، أن أفكارنا و تعبيراتنا العاطفية و الوجدانية المختلفة تعتبر طاقة بحد ذاتها ، تنبثق منا بشكل لاشعوري ، على شكل موجات بلازمية مختلفة الأشكال و الأنواع . و يتم استقبالها من قبل الذين نوجه انتباهنا إليهم أو نستهدفهم في تفكيرنا ، و يتفاعلوا معها و يتجاوبوا لها بشكل لا شعوري (أي يتم إدراكها تحت مستوى الوعي ) . و أحياناً تتسرّب هذه المعلومات من مستوى اللاعوي إلى مستوى الوعي فتتجسّد ظاهرة التخاطر .
...........................................................
أما المسافة التي يمكن لهذه الموجات الطاقية أن تجتازها ، فليس لها حدود . و يبدو أن المدة الزمنية هي لحظية ، أي أسرع من الضوء ، فلا تخضع بالتالي للقوانين الفيزيائية التقليدية
إننا نستقبل و نرسل الموجات الفكرية و العاطفية و نتفاعل معها دون شعور منا بذلك
...........................................................
و قد كشفت الدراسات أننا إذا قمنا بالتفكير بشيء معيّن ( نبتة صغيرة مثلاً أو كتاب ) تتوهّج الهالة المحيطة بالنبتة ( لأنها كائن حيى ) . أما الكتاب فسوف تتشكّل حوله هالة بلازمية وقتية ثم تتلاشى تدريجياً ( لأنه كائن جامد ) ، أما المسافة الفاصلة لهذا التأثير فليس لها حدود .
إن عملية توجيه الإنتباه نحو أحد الأشياء هو عبارة عن إطلاق طاقة بلازمية تجاه ذلك الشيء .
ليس من الضرورة أن يكون ذلك الشيء المستهدف حاضراً في نفس المكان .
فمجرّد التفكير بذلك الشيء يعمل على التأثير به مباشرة
أما المسافة التي تحد من هذا التأثير فليس لها حدود .
...........................................................
أول ما يتبادر إلى الأذهان هو السؤال : كيف يستطيع الكائن الحي أن يتواصل مع الشيء الذي يستهدفه فكرياً ، أو يؤثر به ، مهما كانت المسافة الفاصلة ، رغم جهله التام عن مكان وجوده ؟!.
الجواب على هذا السؤال لازال من أحد ألغاز الوجود الغامضة ، لكن يبدو أن عالما الفيزياء كارل بريبرام و ديفيد بوهم اقتربا من هذه الحقيقة في نظريتهما المعروفة بالنظرية الهولوغرافية . و تقول أن الكون هو عبارة عن هولوغرام . مجسم متعدد الأبعاد .
يقول مفهوم "الهولوغرام" أن كل جزء ، مهما كان صغيراً ، هو تمثيل متطابق للكلّ ، و يمكن استخدام هذا الجزء لإعادة بناء الكلّ .
أي أن : " الدماغ يجسّد صورة أو مجسّم متعدد الأبعاد مطابق تماماً لمجسّم الكون ". أي أن الكون بكامله يتجسد في داخل أدمغتنا . و أي شيء نفكر به أو نبحث عنه أو نستهدفه هو موجود في أدمغتنا و موقعه قد حدّد سلفاً .
إن الكون هو عبارة عن شبكة إنترنت عظيمة ، و الكائنات الحية تدخل في تركيبته بشكل صميمي ، مما يجعلها على تواصل دائم معه و بالتالي مع كل شيء في الوجود .
...........................................................
العقل الكوني
تبين أن إلى جانب الحقل البلازمي الذي يحيط بجسم الإنسان ( و الكائنات الأخرى ) ، هناك حقل آخر موجود في كل مكان ، مجال بلازمي عملاق يملأ الوجود . و بما أن مادته قابلة لتخزين المعلومات ( كما رأينا ) ، فهو بالتالي يختزن كل المعلومات المتعلّقة بالوجود ، يختزن في طياته ذاكرة عظيمة ، تحتوي على كل حدث أو موقف أو معلومة أو غيرها تمت أو حصلت منذ انبثاق الوجود و التي سوف تحصل على مدى الزمن إلى نهاية الوجود . هذا الحقل المعلوماتي الخفي لازال غامضاً على العلم الحديث الذي عجزت وسائله المتطورة من استكشافه أو إثبات وجوده . و الجهاز الوحيد الذي استطاع التواصل معه هو الكائن الحي . تنبه له القدماء و أشاروا إليه بأسماء كثيرة ، كعالم الغيب ، أو سجل أكاشا .
الأورورا .. الهالة المحيطة بالكرة الارضية
...........................................................
و ها نحن الآن بدأنا نسمع مصطلحات جديدة تشير إليه بالحقل المورفوجيني ، أو الوعي الكوني ، أو المجال الأثيري ، أو غيرها من مصطلحات
عصرية أخرى . إذاً ، فبالإظافة إلى الحقل البلازمي الخاص الذي يحيط بأجسادنا ، نحن أيضاً محاطين بحقل معلوماتي عظيم ، مجال بلازمي
عملاق يملأ الوجود
...........................................................
و لكي نتقرّب أكثر لفهم هذه الفكرة ، سوف نوصف طريقة عمل هذا الحقل ألمعلوماتي على سكان جزيرتين تفصل بينها مساحات واسعة تبلغ ألاف الكيلومترات حيث لا يمكن التواصل في ما بينها بأي وسيلة من الوسائل ، و سكان كل جزيرة يجهلون أصلاً بوجود جزيرة أخرى غير جزيرتهم . لكن عندما يبتكر سكان الجزيرة الأولى أفكار جديدة و تصبح مألوفة في حياتهم اليومية . نلاحظ بعد فترة من الزمن أن هذه الأفكار قد ظهرت عند سكان الجزيرة الثانية و أصبحت مألوفة أيضاً . و بعد أن يعمل سكان الجزيرة الثانية على التعامل مع تلك الأفكار و من ثم تطويرها و إجراء بعض التعديلات فيها ، نجد أن هذه التعديلات قد ظهرت تلقائياً عند سكان الجزيرة الأولى .
الأفكار و التجارب و الانطباعات المختلفة التي تنبثق من الكائن الحي لا تفنى و لا تزول ، بل تأخذ لنفسها حيزاً مكانياً في الحقل المعلوماتي الكوني و تتراكم و تزداد كلما زادت الخبرات و التجارب الجديدة التي تخص تلك الأفكار .
هذه العملية ليس لها علاقة بالتخاطر أو الانتقال المباشر للأفكار . لأنه يمكن للفكرة الجديدة التي تألفها مجموعة بشرية معيّنة أن تبقى سنوات عديدة قبل ظهورها بين مجموعة بشرية أخرى . لقد اكتشف الباحثون مظاهر كثيرة متشابهة تجلت بين القبائل و الحضارات المنتشرة حول العالم ، جميعها تشير إلى وجود هذه الظاهرة . فوجدوا مثلاً أن القبائل التي تعيش على ضفاف الأمازون في أمريكا الجنوبية تتشابه في طريقة حياتها مع القبائل الموجودة في أفريقيا و أسيا الجنوبية الشرقية التي تعيش على ضفاف الأنهار . فجميع هؤلاء يستخدمون الأدوات ذاتها و كذلك عاداتهم و تقاليدهم التي لا تختلف كثيراً . أما الحضارات القديمة التي انتشرت حول العالم ، فقد تشابهت جميعاً في طريقة البناء و تشييد الهياكل و كذلك الأساطير و الآلهة تكاد تكون متشابهة . رغم تلك الحواجز الطبيعية و المسافات الهائلة الفاصلة فيما بينها .
...........................................................
إن عدم إدراكنا لهذا الكيان ألمعلوماتي لا يعني انه غير موجود . رغم أن تأثيره واضحاً علينا ، حيث يتم ذلك في مستوى آخر من الوعي أو اللاوعي كما هو معروف . و الإنسان العادي هو محجوب عن هذا المحيط ألمعلوماتي العظيم بسبب مستوى الوعي الذي هو فيه ، و لأنه يتمتع بالقدرة على توجيه انتباهه نحو شيء واحد محدد ، مما يسهل عليه عملية الإدراك .
...........................................................
و لولا تمتعه بهذه الحالة من الوعي التي تفصله عن ذلك المحيط ألمعلوماتي العظيم لتضاربت المعلومات في ذهنه بكثافة و أصبح مجنوناً ، يعلم بكل شيء في الوجود بنفس اللحظة !.
( كأنك تستمع إلى جميع المحطات الإذاعية من راديو واحد ، و بنفس الوقت ) . فلهذا السبب ، تعتبر حالة الوعي التي نتمتع بها نعمة كبيرة لصالحنا . لكن هذا لا يعني عدم وجود حالة وعي أخرى تتواصل مع عالم آخر .
...........................................................
لكن للأسف الشديد ، لقد انقطعنا عن هذا المجال العقلي الذي عرفه أسلافنا الأوائل ، و تعوّدنا عبر العصور على توجيه انتباهنا فقط نحو الأمور الدنيوية الملموسة ، و نسينا مع مرور الوقت وجود عالم أخر يكمن وراء هذا العالم المادي المحيط بنا.
فبالإضافة إلى السلطات الاجتماعية و العلمية المختلفة التي حرمّت التعامل مع هذا العالم الخفي ، و تجاهلته تماماً ، لأسباب كثيرة ، وجدنا أنفسنا نسلك طريقة حياة مختلفة تتناقض مفاهيمها تماما مع هذا العالم الخفي الغير ملموس . فأصبحنا لا نصدّق إلا بكل ما هو ملموس .
...........................................................
فتحوّلت بالتالي هذه النعمة إلى لعنة ! لأننا نسينا مع الوقت ذلك العالم الذي يكمن مباشرة وراء عالمنا الفيزيائي الصلب ، و الذي يمكن إدراكه بواسطة مستوى آخر من الوعي .
و راحت البشرية بعدها تبنى حضارة دنيوية تعتمد على ما تلمسه و تدركه من خلال حالة الوعي الوحيدة التي نشأت على معرفتها . أما العالم الأخر الذي يمكن إدراكه بواسطة حالة وعي أخرى ، فقد تجاهلوه تماماً .
...........................................................
إذاً ، لقد تجاهل الإنسان وجود عالم خارج عن عالمه المادي الملموس . و صل لدرجة أنه لم يعد يصدّق بوجوده أساساً . و لهذا السبب بالذات ، نرى أن العلماء لازالوا يتخبطون في تفسير ظواهر عقلية كثيرة خلفت لديهم تساؤلات لا يمكن الإجابة عليها بالاعتماد على مفاهيمهم العلمية التقليدية ، مهما بلغته من مستوى متقدم . ... فلازالوا يتساءلون حول ظواهر كثيرة تخص موضوع العقل .. ما هو الإبداع مثلاً ؟.. أين توجد الذاكرة ؟.. ما هو مصدر الحدس و الإلهام ؟.. من أين تأتي الأفكار الخلاّقة الجديدة ؟. أو الحلول المناسبة لمسائل مستعصية يصعب حلها بسهولة ؟.. كيف تعرّف البروفيسور "هيلبركت " على الحل المناسب للرموز الآشورية التي كان يدرسها ؟.. من أين استلهم الموسيقار تارتيني سيمفونيته الرائعة التي جاءته في الحلم ؟..
أمثلة كثيرة ، تكاد تكون حوادث يومية ، تشير إلى وجود كيان عقلي عظيم خارج عن تناول الإنسان و إرادته .
اقترب فرويد في أبحاثه من هذا الكيان العقلي الغامض ، و توصل إلى مفهوم اللاوعي ، لكنه لم يقترب أكثر من ذلك .. تناول كارل جونغ هذا الموضوع باهتمام كبير ، و وجد مفهوم اللاوعي الجماعي ، أو الوعي الخارق . و علماء نفس كثيرون ، مثل ويليام جيمس ، فريدريك مايرز ، و وليام مكدوغل و غيرهم .
و قد التمس هذا الكيان العقلي الكوني رجال علم من فروع أخرى و تناولوه في ابحاثهم . كعلماء البايولوجيا مثل روبرت شيلدريك ، و جيمز لوفلوك و غيرهم . و فيزيائيين مثل ، بول ديراك" و "أندريه ساخاروف" و " لوي دي بروغيل" و "ديفيد بوهم" .
اعترف هؤلاء جميعاً بوجود كيان عقلي كوني عملاق ، يتحكم بالوجود و يختزن في طياته معلومات لا متناهية ، بطريقة لازالت مجهولة . لكن يبدو أن جميع تعريفاتهم و تفسيراتهم التي تناولت هذا المجال لازالت منقوصة غير مكتملة ، لم تعمل على تغطية مظاهره المختلفة . ربما يعود ذلك إلى اعتمادهم على منطق علمي يختلف تماماً عن المنطق الذي تعتمد عليه تلك المظاهر .
و لا زال التساؤل الذي طرحه عالم الرياضيات الشهير بوانسير قائماً حتى الآن : كيف تتم عملية حل المعادلات الرياضية ؟ ما هو الحدس ؟. ما هو الإبداع ؟.
دعونا نفسّر هذه العملية الغامضة ، بالاعتماد على ما توصلنا إليه من حقائق جديدة .
...........................................................
لقد رأينا سابقاً أن الإنسان إذا قام بالتركيز على شيء معيّن في ذهنه ، سيتوهج حقل الطاقة المحيط بذلك الشيء ، أو يتشكّل حوله حقل بلازمي إذا كان جامداً ، حتى لو كان بعيداً عنه مسافات لا متناهية . هذا يعني أن توجيه الفكر نحو شيء معيّن يحدث فيه تغييرات معيّنة ، و لا يقتصر ذلك على مسافة محددة تتناسب مع مدى إدراكنا التقليدي بل تتجاوزه إلى حيث يكون ذلك الشيء مهما كانت المسافة الفاصلة . و سوف يتم نوع من التواصل بين الشخص و ذلك الشيء الذي استهدفه بفكره .
...........................................................
و بعد أن تعرفنا على حقيقة أن الأفكار و التجارب و الانطباعات المختلفة التي تنبثق من الكائن الحي لا تفنى و لا تزول ، بل تأخذ لنفسها حيزاً مكانياً في الحقل المعلوماتي الكوني و تتراكم و تزداد كلما زادت الخبرات و التجارب الجديدة التي تخص هذا الموضوع بالذات ، و بطريقة لازالت مجهولة ، فنستنتج بذلك أن عملية التفكير أو التركيز على موضوع معيّن هو عبارة عن توجيه طاقة فكرية نحو موقع هذا الموضوع في العالم الأثيري ، و الذي قد يحتوي على جواب أو حل أو غيرها من معلومات تخص الموضوع الذي نتساءل عنه
عملية التأمّل و التفكير هي عبارة عن تواصل مع الحقل المعلوماتي الكوني
...........................................................
هذه العملية لا تجري في أدمغتنا كما نعتقد . و السبب الذي يجعلنا نعجز أحياناً عن الحصول على أفكار و حلول جديدة لمسائل معيّنة هو أننا نجهل آلية عمل البحث عن الفكرة المستهدفة و ليس لأن معلوماتنا حول تلك الفكرة هي محدودة أو أن ذاكرتنا ضعيفة كما هو سائد .
...........................................................
الذي يجعلنا عاجزين عن التفكير بنجاح في بموضوع معيّن هو عدم معرفتنا لطريقة عمل التفكير
www.gif" border="0" alt=""/>
...........................................................
هل تعود حالة عدم القدرة على التركيز في موضوع محدد و إيجاد حلول مناسبة لمسائل طارئة ، و التي يعاني منها معظم الناس ، إلى أسباب نفسية و بايولوجية كما هو سائد ، أو أنها مجرد جهلهم عن الطريقة الصحيحة في التفكير ؟.
...........................................................
إذا ً، فحالة الوعي التي نتمتع بها هي التي تفصلنا عن ذلك البحر ألمعلوماتي العظيم . لكن يبدو أننا نستطيع التواصل معه بواسطة الدخول في حالة وعي أخرى . هذه الحالة التي تتخذ أشكال و درجات مختلفة ، كالغيبوبة ، أو النوم ، أو الشرود ، أو غيرها من حالات وعي ذات المستويات المختلفة . فجميع الذين خرجوا بأفكار و معلومات خلاقة مختلفة كانوا في هذه الحالة الأخرى من الوعي قبل أن يصحون منها و يعلنون عن إبداعاتهم . إن الذي يميّز المبدعين عن غيرهم هو قربهم من هذا المحيط ألمعلوماتي العملاق ، الذي يسرّب إلى أذهانهم بعض المعلومات الخلاقة بواسطة الحدس و الإلهام ، فيبدعون بالأدب و الموسيقى و الشعر و الاختراعات و الفلسفة و غيرها من أفكار خلاقة .
المبدعين من العلماء و الفلاسفة و الفيزيائيين هم على تواصل دائم مع الحقل المعلوماتي
...........................................................
أما السبب ، فهو دخولهم في مستوى معيّن من حالة الوعي الأخرى ، ( نلاحظ دائماً أن المبدعين هم في حالة شرود ذهني . انفصال تام عن الواقع ) و يبحثون في مسائل و مجالات و مواضيع كثيرة لها صلة بميولهم المختلفة ، فالموسيقي يوجه انتباهه نحو الموسيقى ، و الفيزيائي يوجه انتباهه للمسائل الفيزيائية . جميع المبدعين يختلفون فيما بينهم في الميول فقط ، أما طريقة الإبداع في أعمالهم ، فهي ذاتها . أي أن المجال المعلوماتي الكوني الذي ينهلون منه هو ذاته .
المبدعين من الادباء و الموسيقيين و الفنانين هم على تواصل دائم مع الحقل المعلوماتي
...........................................................
إذاً ، فتوجيه التفكير نحو البحث عن إجابة معيّنة ، هو عبارة عن انبثاق طاقة فكرية . أما حالة الشرود ، فهي تعتبر حالة وعي أخرى .
أي أن المعادلة قد اكتملت :
الدخول في حالة وعي أخرى + توجيه الطاقة الفكرية للبحث عن إجابة معيّنة = التواصل مع الحقل ألمعلوماتي الكوني
أليست هذه هي المعادلة ذاتها التي يستخدمها العرافين و الوسطاء الروحيين في سبيل البحث عن معلومات غيبية ؟. لقد نجح العرافين و الوسطاء ( ليس الدجالين ) في عملية التواصل مع هذا الكيان ألمعلوماتي العملاق ( وصفوه بعالم الغيب ) ، و حصلوا على معلومات غيبية مختلفة . فعلوا ذلك عن طريق الدخول في حالة وعي أخرى ( كالغيبوبة ، أو شبه غيبوبة ، أو غشية ، أو نوم مغناطيسي ، أو غيرها من حالات وعي أخرى ... ) حسب ما فرضته عليهم تعاليمهم السحرية و الصوفية المختلفة ، و تواصلوا بعدها مع ذلك العالم ألمعلوماتي العظيم .
العرافين و الوسطاء الروحيين يستطيعون التواصل مع الحقل المعلوماتي
...........................................................
بعد أن استخدم الباحثين الأجهزة الإلكترونية المتطوّرة ، مثل GSR و EEG و غيرها من وسائل حديثة تعمل على مراقبة التغييرات الخفية الحاصلة في دماغ الإنسان خلال نشاطاته المختلفة ، لاحظوا حصول تغيرات بايولوجية معيّنة في جسم الوسيط أثناء قيامه بإحدى إنجازاته الفكرية الخارقة . و أشار جهاز فحص الموجات الدماغية EEG إلى أن الموجات الدماغية تنخفض إلى حالة " ألفا " ( بتردد 9 ـ 13 hz ) أو " ثيتا " ( بتردد 4 ـ 8 hz ) أو " دلتا " ( بتردد 1 ـ 3 hz ) أثناء قيام الوسيط بعمله .
و تبين أن هذه الحالة الدماغية هي ذاتها التي يتصف بها دماغ المتصوّف أثناء دخوله في حالة البحران ( النشوة الروحية ) ، و كذلك العرافين و المستبصرين الذين يدخلون في حالة شبه غيبوبة ( غشية أو شرود ) ليأتوا بمعلومات غيبية ، و كذلك النائمين مغناطيسياً ، و محضري الأرواح الذين يدخلون في حالة غيبوبة كاملة ، و المتأملين الروحيين ( اليوغا و التشيكونغ و الزن و غيرها من مذاهب تأملية ) أثناء دخولهم في حالة التأمل و التفكّر و التركيز ، و المقنقنين الذين يبحثون عن المياه و المعادن الدفينة بواسطة قضيب الرمان أو أي وسيلة الأخرى ، و حتى الذين يستخدمون التعاليم السحرية و يقرؤون النصوص المختلفة ( الأقسام و الدعوات و الصلوات ) و يكررونها عشرات المرات ، فيدخلون في حالة " ألفا " الدماغية و ينجزون بعض الأعمال السحرية و يظنون أن السرّ هو في النصوص و أسماء الآلهة المقدسين و الملائكة التي يتلونها و يكررونها مئات المرات ، و يجهلون أن عملية تكرار عبارات محددة مهما احتوته من كلمات ، تساعد الدماغ على الوصول إلى حالة " ألفا " الدماغية ، و إذا قاموا بالتعداد من 1 إلى 1000 تكون النتيجة واحدة . أما المبدعين فهم غير مستثنون من القدرة على الدخول في هذه الحالة الدماغية خلال شرودهم الذهني و البحث في مسائل تخص ميولهم المختلفة . كالأدب و الموسيقة و الشعر و الفيزياء و الرياضيات و الميكانيك و الكهرباء و غيرها من مسالك فكرية مختلفة .
...........................................................
ما هي حالة الوعي الأخرى ؟.
و ما علاقتها باستنهاض حقل الطاقة ؟.
لقد رأينا كيف كشفت الأبحاث العلمية أن حقل الطاقة المحيط بالإنسان يتوهّج حينما يدخل في حالة وعي أخرى . أي أن هذا التوهج قد أشار إلى ارتفاع في مستوى الطاقة المحيطة بالإنسان . أما عملية الانتباه ، فهي عبارة عن عملية توجيه الطاقة نحو شيء مستهدف ، و التأثير به بطريقة معيّنة . فتوجيه انتباهنا نحو نبتة مثلاً يزيد من توهّج الهالة المحيطة بها . هذا يعني أننا قد استنفذنا جزء من الطاقة في سبيل حصول هذا التأثير .
...........................................................
و لكي نتقرّب أكثر لهذه الفكرة ، سوف نتخيّل أنفسنا بأننا رجال آليين ( روبوتات ) تعمل على الطاقة الكهربائية الصادرة من بطاريات مزوّدة بكمية محدودة من الطاقة . و نقوم بإدراك الواقع المحيط بنا بواسطة آلات و أجهزة إلكترونية متنوّعة مثل : كاميرات تصوير ( بدل العيون ) ، مايكروفونات ( بدل الآذان ) ، رادارات استشعارية ( بدل الحواس الأخرى مثل اللمس و الشم و الذوق ) . جميع هذه الأجهزة الإلكترونية تتطلّب كمية معيّنة من الطاقة في سبيل القيام بعملها .
...........................................................
عندما نكون في حالة وعي عادية ، وجب على جميع الأجهزة الحسية أن تعمل بنفس الوقت كي نتمكّن من التواصل مع الواقع المحيط بنا .
...........................................................
لكن عندما ندخل في حالة وعي أخرى ، نعمل حينها بتوجيه انتباهنا نحو الداخل . و هذا يعني الانقطاع عن العالم الخارجي .
أي أننا لم نعد بحاجة إلى كل تلك الأجهزة التي تتعامل مع العالم الخارجي . فنكون حينها قد أوقفنا جميع هذه الأجهزة الإلكترونية عن العمل . بالإضافة إلى توقيف التفكير المنطقي الذي يقوم بتحليل الأشياء التي تدركها حواسنا . ( فعملية التفكير هي عبارة عن استنزاف طاقة كبيرة ) .
و هذا يعني تجمع كمية زائدة من الطاقة التي قمنا بتوفيرها نتيجة إغلاق تلك الأجهزة .
فتتجمّع تلك الطاقة فينا و تتكثّف . و كلّما ابتعدت عن العالم الخارجي ، انحسرت بالتالي عملية صرف الطاقة تجاه الأجهزة الاستشعارية و عملية تحليل ما ندركه . و هذا يعني ارتفاع نسبة الطاقة المتجمعة و الغير مصروفة .
هذا يفسّر تماماً العلاقة بين حالة الوعي الأخرى و حقل الطاقة المحيط بنا .
...........................................................
علاقة الدخول في حالة وعي أخرى و عملية التواصل
مع الأثير المعلوماتي الكوني
هناك وسيلة بسيطة تعلمناها في إحدى مراحل حياتنا ، تساعدنا على تذكّر فكرة معينة نعجز عن استرجاعها إلى ذاكرتنا حين نريدها ، ( كاسم شخص مثلاً غاب عن بالنا تماماً ) . فيوصونا بالاسترخاء تماماً و نكف عن الإلحاح في ملاحقة تلك الفكرة في ذهننا . و لكي نهدأ تماماً يذهب بعضنا إلى التعداد من واحد إلى عشرة ببطء حتى يهدأ تفكيره . و بعد قليل تظهر تلك الفكرة فجأة إلى ذاكرتنا !.
قمنا بتفسير هذه العملية بالاعتماد على المفهوم الجديد حول عملية التفكير ، نكتشف أن عملية التفكير بموضوع معيّن
( فكرة أو اسم أو غيره ) هي عبارة عن توجيه طاقة فكرية نحو موقع ذلك الموضوع في الأثير ألمعلوماتي الكوني .
و عندما نكون في حالة وعي عادية ،
تكون الطاقة البلازمية ( الحيوية ) ضعيفة لدرجة لا تستطيع فيها مساعدتنا على التواصل مع موقع الموضوع بشكل سليم .
لكن إذا قمنا بالاسترخاء و الهدوء الذهني ، نكون في الحقيقة قد دخلنا إلى حالة معيّنة من الوعي الآخر . مما يؤدي إلى تنشيط طاقتنا الحيوية ، فبالتالي تنشط قوة بث الطاقة الفكرية الموجّهة نحو موقع ذلك الموضوع في الأثير ألمعلوماتي .
كلما ابتعدنا عن الواقع المحيط بنا ، كلما اقتربنا من التواصل مع الأثير المعلوملتي الكوني ( عالم الغيب )
هذه العملية تتشابه مع عمل جهاز الراديو . إذا زوّد الجهاز بمصدر طاقة ضعيف يعجز عن التقاط الإذاعات . أما إذا كان مصدر الطاقة قوياً يستطيع التقاط الإذاعات بسهولة .
...........................................................
و في الختام
بعد الإطلاع على المنطق الجديد الذي توصلت إليه النظريات و الاكتشافات الحديثة ، ظهر لنا وجه جديد من مفهوم العقل . منظور مختلف تماماً عن ما عرفناه في السابق . جميع هذه النظريات و الاكتشافات تشير إلى وجود حقل عظيم ما وراء العالم المرئي و المادي . و هذا الحقل يشمل الجميع ، لذلك فهو بالتالي في متناول الجميع . و قد أثبتت أن ما من شيء صلب في هذا العالم ، كل شيء هو عبارة عن كتلة من الطاقة . فجميع الأشياء المحيطة بنا كالنجوم و المجموعات الشمسية و الجبال و الأشجار و الفراشات ، جميعها متصلة ببعضها البعض كحقول طاقة "كمّية" ، و كلّها تتوحّد في النهاية بحقل واحد عظيم . واقع مطلق يشكّل الأساس النهائي للوجود . كما الشجرة التي مهما تفرّعت أغصانها تجتمع جميعها بالنهاية في جذع واحد كبير ، هو الأساس الأوّل لها . فكل مظاهر الوجود المتعدّدة تجتمع في النهاية بهذا الحقل الذي يحضن كل شيء ... و بما أننا جزء من هذا الوجود ، فلا بدّ من أننا جزء من هذا الحقل الموحّد العظيم . فهو في داخلنا و من حولنا دائماً و في كل زمان و مكان .
هذا الحقل هو أيضاً حقل معلوماتي عملاق يجمع بين جميع الأشياء الجامدة و الحيّة التي هي عبارة عن حقول طاقة مختلفة . وهو كما مجال الجاذبية الأرضية ، غير مرئي ، لكنه موجود و تأثيره واضح على كل شيء . و بما أن الأشياء هي حقول طاقة ، و التعبيرات و الأفكار و التجارب و المواقف و غيرها من أمور معنوية هي عبارة عن نبضات من الطاقة ، فلا بد من أن جميع هذه العناصر المختلفة محبوكة بإتقان كبير حتى شكّلت في النهاية هذه الشبكة العظيمة من الطاقات و المعلومات المختلفة .
هل نحن نبالغ عندما نقول أن عقل الإنسان هو ليس سوى جزء صغير من مجال عقلي كبير ، و الإدراك هو ليس سوى عملية تبادل المعلومات مع ذلك المجال المعلوماتي العملاق ؟ . أعتقد أنه سوف يأتي الوقت الذي يكشف لنا عن سرّ تلك الظاهرة التي تتجلّى بتخزين المعلومات و انتقالها في هذا المجال الكوني العظيم ...
أجمع علماء الفيزياء ، بعد مسيرة أبحاثهم الطويلة ، على أن جميع أنماط الطاقة و أشكالها المختلفة التي تتواجد في الطبيعة ( حرارية ، كهربائية ، مغناطيسية ، كيماوية ، ميكانيكية ، ضوئية ..و غيرها ) هي عبارة عن قوى عمياء في الطبيعة ..... لكن أينما وجدت الحياة ، بجميع مظاهرها المختلفة ، تعمل هذه القوى العمياء على خلق و بناء نماذج محدّدة تناسب الطبيعة التي خلقت فيها . هذه الطاقة الموجّهة موجودة في كل مكان في الكون . و تتوارث تلقائياً في كل شكل من أشكال الحياة ، إن كان نباتي أو حيواني !. ما هو هذا المصدر المجهول الذي يقوم بتوجيه هذه القوى العمياء من أجل القيام بهذا العمل الخلاق ؟! لابدّ من وجود قوّة حيّة خفية تعمل على إدارة الحياة !. و بما أن هذا الكيان الخفي يفعل ذلك بإتقان كبير ، و لهدف منطقي و مقصود ، إذاً ، لا بدّ من أنه عاقل !.
أما الروحانيين و المتصوفين ، فقد وصفوا هذا الكيان الخفي بالضوء .. ضوء غير قابل للوصف .. ضوء نادر غير مألوف .. ضوء يكمن وراء الكلمات و اللغة مما يصعب شرحه . و قالوا أنه هناك حالات معيّنة ، يمكن أن يتواصل به أشخاص معيّنون ، بشكل عفوي .. فجائي .. دون سابق تحضير أو إدراك . فيشعر بأنه مغمور بما يشبه غيمة أو لهب غامض ، و يترافق ذلك مع شعور بالابتهاج و النشوة .. حالة تنوّر .. تكشف خلال لحظات معدودة عن حقيقة الكون .. و القصد من الوجود .. و يدرك كل ما هو غامض على الإنسان .. يدركه خلال هذه الفترة الزمنية التي لا تتجاوز لمحة البصر يعلم الشخص الذي يدخل هذه الحالة بأن الكون هو حيّ .. و أن الحياة هي حالة أزلية .. و روح الإنسان لا تموت .. و أساس الحياة هو الحب .. و أن السعادة هي هدف الإنسان .. و سيدركها في النهاية .. آجلاً أم عاجلاً . الخوف من الموت يزول .. الشعور بالخطيئة تزول .. في هذه اللحظات القليلة ، تتغيّر شخصية الإنسان .. و تصبح أكثر فتنة و وداد .. في هذه اللحظات بالذات ، يتعلّم الإنسان أشياء كثيرة لا يستطيع تعلّمها في حالته العادية مما يتطلّب ذلك سنوات طويلة من الدراسة و البحث في هذا المجال .. لكن للأسف الشديد .. هذا المجال قد انقرض في العصر الحديث ، ذات الفكر المنحرف البغيض .
اعترف رجال العلم منذ فترة طويلة ، بأننا نعيش في رحاب قوّة خفية عظيمة ، لا متناهية ، تملئ الوجود ... ينبثق منها كل الوجود !. و الفلاسفة تنبّهوا إلى أن هذا الانبثاق الأبدي للطاقة يصدر و يدار من قبل عقل عظيم !..... أما العلم المنهجي الذي يولي اهتمامه بالمظاهر الخارجية للظواهر الطبيعية المختلفة و يقوم بدراسة مسبباتها بطريقة علمانية ، فلازال يتلكأ و يتملّص من الاعتراف بهذه الحقيقة الواضحة بجلاء .
بدأت الأبحاث العصرية تكشف لنا عن حقيقة تتوضّح يوماً بعد يوم . هذه الحقيقة تقول :
أصبح الكون يبدو كأنه عقل عظيم بدلاً من حركة ميكانيكية عظيمة ... عقل عظيم يشكل الأساس النهائي للوجود ... ينبثق منه كل الوجود ... و بواسطته تدار مجريات الوجود ... يعمل على إدارة الحياة ... بطريقة خلاقة مبدعة ... بإتقان كبير .. و لهدف منطقي و مقصود .. و بما أننا جزء من هذا الوجود ، فلا بدّ من أننا جزء من هذا الكيان العقلي العظيم . إنه في داخلنا و من حولنا دائماً و في كل زمان و مكان .
مع تحياتي