تتباين الملوثات الناتجة عن الصناعة تباينا كبيرا في نوعيتها ودرجات خطورتها, فهي تشمل كثيرا من المذيبات العضوية المستعملة في الصناعات الكيميائية وكذلك المركبات غير العضوية الناتجة من تأكسد المواد العضوية القابلة للذوبان مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وأيضا بعض المعادن الثقيلة مثل الرصاص، والزئبق والكادميوم بالإضافة إلى الزرنيخ والنشادر والمبيدات الحشرية والفطرية ومبيدات الأعشاب والإشعاعات المؤينة وغيرها.
وجميع هذه المواد تسبب تلوث الهواء والتربة والمياه إما بشكلها الأصلي أو كملوثات ثانوية ناتجة عنها، وقد تصل هذه الملوثات إلى الإنسان من حيث لا يدري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة منتهية به إلى تدهور صحي. ومن أهم المشاكل والتأثيرات السلبية لهذه الملوثات ما يلي:
1- المذيبات العضوية:
إن التعرض للمذيبات العضوية قد يحدث عن طريق الاستنشاق أو التلامس مع الجلد. ومن أمثلة هذه المذيبات مثيلين كلورايد، بنزين, تولوين، ترايكلورو إثيلين، تتراكلورو إثيلين, زيلين، هكسين، كاربون دايسلفايد وغيرها. ومن أهم آثارها:
الأمراض الجلدية المهنية مثل التهيج الجلدي أو التهيج التحسسي.
التسمم الحاد للجهاز العصبي , وشدة الأعراض الحادة لها علاقة وثيقة بالجرعة. أما التسمم المزمن فمنه تغير الشخصية والمزاج وضعف القدرة الذهنية والضعف الجسماني العام, ضعف الذاكرة والتركيز والتهاب الأعصاب الطرفية الذي يبدأ بتخدر الأطراف أولا قبل أن يشمل الأجزاء العلوية من الأعضاء.
الآثار السلبية على الجهاز التنفسي تكون في شكل تهيج للأغشية المخاطية وآلام بالحلق والأنف وكحة وآلام بالصدر وربما يكون التعرض شديدا ويسبب أزمة رئوية.
الموت الفجائي قد يكون أحد الآثار السلبية للتعرض للمذيبات خاصة للذين يدمنون استنشاقها وذلك بسبب آثارها على القلب, وإذا لم تحدث الوفاة فقد تظهر أعراض مختلفة مثل الدوخة، وزيادة ضربات القلب مع عدم انتظامها وربما فقد الوعي مع أو بدون هبوط وظائف الجهاز العصبي المركزي.
التأثير على الكبد يكون في شكل تدمير خلايا الكبد ولكن هذه الآثار تعتمد على نوع المذيب المتعرض له فمنها ما هو شديد الأثر مثل المذيبات الهالوجينية والنايترية وأخرى ضعيفة مثل الهايدروكاربونات الأليفاتية والعطرية.
الآثار السلبية على الكلى إن وجدت فهي قليلة وكذا الآثار على الجهاز التناسلي والأجنة.
2- الرصاص:
الرصاص من المعادن المستعملة كثيرا ويضاف إلى وقود السيارات. و تبدأ الآثار السلبية للتعرض للرصاص أولا بالجهاز الدموي فيعاني المصاب من فقر الدم ويظهر عليه الشحوب ثم تتولى الآثار السلبية إن لم تكتشف الحالة مبكرا فتشمل الجهاز العصبي المركزي والطرفي والكلى وارتفاع ضغط الدم والعقم عند الرجال والنساء والإجهاض.
3- الزئبق :
الزئبق من الملوثات للمياه في البلدان الزراعية مثل اليابان وشبه القارة الهندية والدول الاسكندنافية والمصدر هو المبيدات الحشرية والفطرية. والزئبق يؤثر على الجهاز العصبي والكلى والجهاز التناسلي فيسبب الارتجاف وعدم الاتزان والفشل الكلوي وعدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء والإجهاض والشلل المخي.
4- الكادميوم :
الآثار السلبية الناتجة عن التعرض للكادميوم تشمل الفشل الكلوي وأزمة رئوية حادة والتهاب وانتفاخ رئوي مزمن يؤدي إلى الإصابة بالسرطان الرئوي.
الزرنيخ :
يدخل الزرنيخ في صناعة تقوية المعادن وكذلك المبيدات الحشرية وصناعة الزجاج. والآثار السلبية من جراء التعرض للزرنيخ تشمل الآتي:
الأعراض الحادة وتظهر خلال دقائق أو ساعات قليلة بعد التعرض ومنها الغثيان والقيء والمغص المعوي وإسهال دموي شديد وآلام العضلات, وتسبق الوفاة تشنجات وإغماء وهبوط الدورة الدموية, ومن تكتب له النجاة تظهر عليه علامات التخدير الطرفي وربما الشلل.
أما علامات وأعراض التسمم المزمن بالزرنيخ فتشمل التخدير الطرفي مع ضعف العضلات وانعدام الانعكاسات العصبية وتغير الجلد خاصة اليدين وراحة القدمين والسرطان الجلدي والرئوي, وربما أدى إلى تسمم الجنين داخل الرحم مع إنقاص وزن المولود أو إصابته بتغيرات خلقية.
6- النشادر :
يدخل غاز النشادر في إنتاج الأسمدة الكيميائية وصناعات أخرى, وهو غاز شديد التهيج للأغشية المخاطية بالعيون والرئتين والتعرض لكميات كبيرة منه يسبب أزمة رئوية حادة وحروق بالعين والشعب الهوائية والوفاة. وقد أثبتت دراسة حديثة أن التعرض لغاز النشادر في بيئة العمل قد سبب الربو الشعبي لعدد من العاملين.
7- المبيدات الحشرية والفطرية ومبيدات الأعشاب:
لقد أدى التوسع الزراعي في بعض الدول إلى زيادة استعمال المبيدات الحشرية أملا في زيادة الإنتاج من المحاصيل والفواكه. والتعرض للمبيدات الزراعية وبقية الكيماويات المستعملة في الزراعة يكون أيضا عن طريق تلوث المياه أو عن طريق السلسلة الغذائية وتشمل الآثار السلبية الجهاز العصبي المركزي والطرفي والجلد والجهاز التناسلي والجنين أيضا.
8- أكاسيد النيتروجين :
تنتج معظم أكاسيد النيتروجين من احتراق الوقود, والمصدر الرئيسي للتلوث البيئي بأكاسيد النيتروجين خارج بيئة العمل هو السيارات وفي بعض الأحيان يكون التلوث داخل المنزل أكثر من خارجه وخاصة من أفران الغاز واستعمال الكيروسين للتدفئة. إن التعرض لتركيز عال من هذه الأكاسيد يسبب الوفاة أو تلف الشعب الهوائية وقد سبب الانتفاخ الرئوي عند حيوانات التجارب.
9- أكاسيد الكبريت :
هذه المواد مثلها مثل أكاسيد النيتروجين تنتج من احتراق الوقود وغالبا ما توجد كخليط مع الجزئيات العالقة ورذاذ حمضي. ومعلوم أن ثاني اكسيد الكبريت له آثار ضارة على الرئتين وخاصة لدى مدخني التبغ الذين يعانون من الانسداد الشعبي المزمن.
10- الإشعاعات المؤينة :
مصادر التعرض للإشعاعات المؤينة كثيرة منها المهني وغير المهني. والآثار الصحية السلبية تنحصر في :
متلازمة الإشعاع الحادة والتي تحدث من جراء التعرض لجرعة كبيرة من الإشعاع ولفترة بسيطة، و تبدأ الآثار الحادة خلال ساعتين إلى ست ساعات وقد تستمر لمدة 48 ساعة ومنها الصداع والقيء وإسهال قد يكون دمويا وقلة الصفائح بالدم , وإذا كانت جرعة الإشعاع عالية جدا فالوفاة فورية.
الآثار المزمنة تحدث بعد التعرض لجرعات بسيطة لفترات متكررة أو جرعة عالية ولفترة قصيرة. ويؤدي التعرض المزمن إلى التشوهات الخلقية للجنين داخل الرحم والسرطان وابيضاض الدم والعقم.
11- الأوزون :
يوجد الأوزون مع ملوثات أخرى وقد عرف عنه انه يسبب اعتلال وظائف الرئة وشدة تحسسها للمهيجات والتهاب الأنف والذين يعانون من الربو الشعبي قد يكونون أكثر عرضة للآثار السلبية للأوزون.
التوصيات والمقترحات
هذه أمثلة فقط من الملوثات البيئية والتي قد تؤثر على الإنسان والقائمة ليست قصيرة. وفيما يلي بعض المقترحات التي قد تساعد على منع التلوث:
سن القوانين التي تحرم استعمال أي مادة يثبت ضررها على الإنسان إذا وجد البديل الذي يؤدي نفس الغرض.
الكشف الطبي المبدئي (قبل التوظيف) يتبعه الكشف الطبي الدوري للعاملين في المهن الخطرة وتوفير الرعاية الصحية المستمرة.
الفصل بين العامل والملوثات داخل بيئة العمل، وإن تعذر ذلك فيتم توفير واستعمال الملابس الواقية المناسبة.
الحد من ساعات العمل في الأماكن الخطرة بما يتناسب مع طبيعة العمل بدون أن يؤثر ذلك على الإنتاج أو صحة العامل.
الحد من أعداد العاملين في الأماكن الخطرة بحيث أن يؤدي العمل بصورة سليمة وآمنة.
التدريب الكامل على العمل مع إعطاء تدريب وافي عن السلامة الصناعية وأسس الصحة.
الحد من الملوثات داخل بيئة العمل بالطرق المناسبة.
المراقبة المستمرة لبيئة العمل للتأكد من أثر الملوثات في الحدود المقبولة.